بِسْم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المعالي والسعادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بعزم وتصميم على تسريع وتيرة عملنا المشترك المستهدف البناء على ما يربط إقليمنا المتوسطي الواحد من جسور التواصل التاريخي، نلتقي اليوم في منتدانا الإقليمي الرابع للاتحاد من أجل المتوسط.
تاريخنا مشترك. راهننا يواجه تحديات مشتركة. ومستقبلنا يعد بفرص كبيرة. وتزداد قدرتنا على تجاوز التحديات، والإفادة من وعد المستقبل، إن كرسنا عملنا الجماعي في إطاره التعددي، الذي يعظم الجوامع ويحترم الفروقات، ويؤكد قيمنا الإنسانية المشتركة، ويتمسك بالشرعية الدولية وقوانينها.
ويسرني أن أكون معكما، وبينكما، فيديريكا (الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي) وجوسب (وزير خارجية إسبانيا). أشكرك فيديريكا على النموذج الذي قدمتيه في تعزيز العمل متعدد الأطراف، وتجذير التعاون نهجا خلال سنوات عملك ممثلا أعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وشريكاً في رئاسة المنتدى.
وأبارك لك جوسب مهمتك القادمة ممثلا أعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي) وأتطلع للعمل معك على تعزيز شراكتنا الضرورة، والبناء على ما حققته من إنجازات وما كرسته من عمل مؤسساتي، ركيزته قيمنا المشتركة، وسعينا لتحقيق أمن منطقتنا واستقرارها ورخائها.
وأهنئك لمناسبة عيد إسبانيا الوطني، الذي يحل بعد يومين، متمنيا لكم مزيدا من الرخاء والازدهار.
أصحاب المعالي والسعادة،
سعى منتدانا للإسهام في تعزيز التنمية البشرية وترسيخ التكامل الإقليمي، ويسير على طريق صحيحة إذ يركز في الفترة القادمة على تحقيق السلام وتعزيز ثقافة الحوار، واحترام الآخر، ورفض خطاب الكراهية والتمييز والتطرف بكل أشكاله، ويجعل من حفز التنمية الاقتصادية وتمكين المرأة والشباب، وإيجاد فرص العمل أولويات في المرحلة القادمة.
هذه أهداف تفرضها مصالحنا المشتركة. وهي حق لشعوبنا.
لكن تحقيقها يتطلب حل الأزمات والصراعات التي تعصف بالشرق الأوسط تحديدا.
لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية في ظل احتلال غاشم للدولة الفلسطينية. ولا يمكن إيجاد فرص العمل في دول أحالتها الأجندات الكبيرة والمطامع ساحات للصراعات الإقليمية والدولية، على حساب شعوبها. ودحر خطاب الكراهية والمسخ الإرهابي سبيله إنهاء القهر، وتحقيق المساواة، وضمان حق الشعوب في الكرامة والمدرسة والعيادة.
الاحتلال الإسرائيلي ظلم وشر وخرق واضح لكل القوانين الدولية. أمن المنطقة ومستقبل شعوبها، كل شعوبها، يتطلب أن يزول، ليتحقق السلام الشامل والعادل، على أساس حل الدولتين، الذي يضمن حق الفلسطينيين في الحرية والدولة المستقلة، وعاصمتها القدس المحتلة، على خطوط الرابع من حزيران 1967، لتعيش بأمن وسلام، إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وحده السلام العادل الذي يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني يضمن أمن إسرائيل، وحق كل شعوب المنطقة في مستقبل يسوده الأمل لا اليأس، والرخاء لا الحرمان، والطمأنينة لا الخوف.
أما المستوطنات اللاشرعية، والحصار اللاإنساني، وضم الأراضي اللاقانوني، ومحاولات تغيير الهوية العربية والإسلامية والمسيحية في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، التي يكرس الوصي عليها، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين كل إمكانيات المملكة لحمايتها والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها، ويؤكد أنها يجب أن تبقى رمزاً للسلام، ومحاولات تصفية الأنروا، وخرق القانون الدولي، فلن يؤدوا إلا إلى إغراق المنطقة في المزيد من الصراع والعنف.
وفي سوريا، أصحاب المعالي والسعادة، أزمة يجب أن تنتهي. لا حل عسكريا للأزمة. مصالحنا وأمننا جميعا يستوجبون عملا فاعلا للتوصل لحل سياسي، يحفظ وحدة سوريا وتماسكها، ويحمي حقوق أهلها، ويحقق المصالحة الوطنية، ويخلص سوريا من الإرهاب، ويؤدي إلى خروج جميع القوات الأجنبية منها، ويتيح ظروف عودة اللاجئين. وتشكيل اللجنة الدستورية خطوة نحو هذا الحل يجب توفير أسباب النجاح لها.
واللاجئون ضحايا يجب أن نتحمل جميعا مسؤولية توفير العيش الكريم لهم، وأن لا نجعل من ذلك مسؤولية تتحمل أعباءها الدول المضيفة، مثل الأردن الذي فتح أبوابه لهم برحابة صدر رغم ظروف اقتصادية قاسية، وحده.
نتابع بقلق شديد ما يجري في الشمال السوري. ونطالب الأشقاء في تركيا وقف الهجوم على الأراضي السورية فورا، وحل جميع القضايا عبر الحوار ووفق القوانين الدولية.
وسيبقى الأردن رافضا لأي انتقاص من سيادة سوريا، مدينا لأي عمل أو عدوان يهدد وحدة أراضيها وأمنها، يقوم بكل ما يستطيع، بالتعاون مع المجتمع الدولي، للتوصل لحل سياسي يقبله السوريون. حل الأزمة هو السبيل لضمان أمن سوريا، وضمان أمن جوارها. يجب احترام أمن سوريا وأم تركيا وأمن كل دول المنطقة لأن أمننا جميعاً مترابط، يتأثر بعضه ببعض.
ضروري أيضا إنهاء الأزمة في ليبيا لتنته معاناة الليبيين، وحتى لا تستحيل ليبيا مرتعا جديدا للإرهاب الذي يهددنا جميعا. ولا بديل عن توافق سياسي لوقف الكارثة في اليمن. وأمن الخليج العربي ركيزة للأمن الدولي يتطلب خفض التصعيد عبر الحوار ووقف الاعتداءات المدانة على أشقائنا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وبما يضمن علاقات إقليمية قائمة على مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
الزملاء الأعزاء،
الإرهاب عدو مشترك ندحره بهزيمته عسكريا وأمنيا وإنهاء الأزمات وبيئات اليأس التي يعتاش عليها، وفتح الأفاق السياسية والاقتصادية ورفض ثقافة الكراهية التي يروج، والتي لا تنتمي إلى حضارة أو دين.
الإرهاب خطر مشترك يتبدى كل يوم جرائم بشعة أخرها الهجوم الإرهابي على معبد يهودي في ألمانيا. نقدم التعازي بضحايا هذا الهجوم الإرهابي، وندينه، كما أدنا الأعمال الإرهابية في مسجد "كرايست تشيرش" والكنيسة في سيرلانكا. ندين الإرهاب وثقافة الكراهية بكل أشكالهم ومهما كانت أسبابهم ودوافعهم. ندين الإرهاب خطرا علينا جميعا.
وستبقى المملكة الأردنية الهاشمية شريكا يعتمد عليه في كل جهود محاربة الإرهاب، والتصدي لخطاب الكراهية والتمييز والتطرف أيا كان مصدره أو هدفه.
منتدانا منبر هام من منابر العمل المُتعدد الأطراف الذي يجب تقويته نهجا ثابتا في علاقاتنا الدولية. ولا بد من الاستمرار في توفير كل سبل النجاح له. خريطة الطريق التي كنّا اعتمدنا في كانون الثاني/يناير 2017 عكست إرادتنا المشتركة في ذلك. تطويرها بما يحاكي المتغيرات وإعادة ترتيب أولوياتها ضرورة آمل أن نحققها قريبا. ثمة حاجة كذلك للنظر في توفير الأدوات المالية اللازمة لتنفيذ أفضل للمشاريع الإقليمية التي يتبناها الاتحاد.
أشكر الحكومة الإسبانية على حسن الاستضافة، وأثمن جهد الأمانة العامة للاتحاد في تسييرها أعمالنا. وسيستمر الأردن بوصفه رئيسا مشاركاً، ببذل كل جهد ممكن لتعزيز عملنا المشترك لما فيه خير شعوب المنطقة.
أشكرك مرة أخرى فيديريكا. تشرفت بأن شاركتك رئاسة المنتدى على مدى السنوات الماضية، وأتمنى لك كل التوفيق في بدايتك الجديدة. وشكراً لك جوسب، وأتمنى لك التوفيق والنجاح، في بدايتك الجديدة أيضاً.
شراكتنا مستمرة ... شكراً لكم.
المملكة