تشهد محافظة نابلس، كغيرها من محافظات شمالي الضفة الغربية، حصارا وإغلاقا لجميع مداخلها ضمن سياسات العقاب الجماعي التي تفرضها إسرائيل على المواطنين، الأمر الذي أدى إلى تراجع كبير في جميع القطاعات الاقتصادية في المحافظة.
"نابلس عاصمة فلسطين الاقتصادية"، لم تعد تكتظ بالزائرين والمتسوقين بسبب الحصار، يقول التاجر مجدي حلاوة من نابلس.
ويضيف أن أسواق المدينة تشكو ضعفا في الحركة الشرائية، وتراجعا في حركة المتسوقين خاصة من خارجها، وأن ما يمكن مشاهدته هو حركة "تجوال كاذبة" ناجمة عن تنقلات المواطنين.
ووفق شهادات بعض التجار في المدينة، فإن تدهورا كبيراً طرأ على الحركة الشرائية في الأسواق، في الوقت الذي بدأت فيه سلطات الاحتلال حرب إبادة ضد غزة، وتصاعدت جرائمها في الضفة الغربية، واقتحاماتها المتكررة، وتدميرها للبنية التحتية وممتلكات المواطنين، إضافة إلى الإغلاقات وزيادة عدد الحواجز العسكرية، ومع بداية العام الحالي ازداد الأمر سوءا.
وحسب رئيس ملتقى رجال الأعمال في نابلس عبد الرؤوف هواش، فإن مدينة نابلس تعتمد على عدة موارد لاقتصادها: أولها المواطنون القادمون إليها من الريف، لكن بسبب انتشار الحواجز بين المدينة وريفها، تراجعت زيارات المواطنين، إضافة إلى أن عددا من المنشآت أغلقت أبوابها في المدينة، لتفتح في الريف الفلسطيني.
وأشار إلى أن عدم انتظام رواتب القطاع العام، وانخفاض نسبتها، بسبب احتجاز الاحتلال لأموال المقاصة أثر بشكل كبير في تراجع الاستهلاك، وبالتالي في الاقتصاد.
وقال، إن تراجع زيارات المواطنين القادمين من أراضي العام 48 إلى المدينة، أدى أيضا إلى تدهور الاقتصاد فيها، حيث كانت تستقبل المدينة أيام السبت 35 حافلة، و1200 مركبة خاصة، لكن خلال الشهر الماضي لم يتعدَ الأمر ثلاث حافلات و200 مركبة من الزائرين.
وأشار هواش إلى تراجع كبير شهده قطاع الاقتصاد بين شهري كانون الأول من العام الماضي، وشهر كانون الثاني من العام الحالي.
وقال، إن الشيكات المدخلة إلى البنوك في نابلس، بلغت نحو 197 مليون دولار في شهر 12/2024، بينما انخفضت إلى نحو 138 مليونا، في الشهر الماضي، أي بتراجع تصل نسبته إلى 30%.
وأشار إلى أن حجم استهلاك البترول تراجع إلى 40% بين شهري كانون الأول من العام الماضي، وكانون الثاني من العام الحالي، بسبب انتشار الحواجز المحيطة بالمدينة، وعزوف المواطنين عن استخدام مركباتهم، وتوجههم إلى النقل العام.
ونوه إلى تراجع قطاع الملابس والإكسسوارات إلى نسبة تصل إلى 70% بين الشهرين، والمفروشات إلى 50%، والمواد التموينية إلى 30%، كما انخفضت مبيعات سوق "الحسبة" لبيع الخضراوات والفواكه إلى 60%، وقطاع إصلاح المركبات وكمالياتها تراجع إلى 50%.
وأشار إلى أن قطاع السياحة والمطاعم، هو في تدهور وتراجع منذ أن بدأت الحرب على قطاع غزة.
بدوره، قال محافظ نابلس غسان دغلس، إن "المحافظة تعاني حصارا مشددا يعمل على تقويض مناحي الحياة، ويعيق تنقل المواطنين من المدينة وإليها، بسبب انتشار الحواجز الإسرائيلية في محيطها، وبينها وبين القرى، والطرق الرابطة بالمدن الأخرى، وإغلاق عدد من الطرق بالسواتر الترابية والبوابات الحديدية".
وأضاف في حديث لـ"وفا"، أن قوات الاحتلال أقامت 10 حواجز دائمة حول مدينة نابلس، فيما نصبت 36 بوابة حديدية، عند مداخل المدينة والقرى المحيطة بها، وأغلقت 47 موقعا بالسواتر الترابية.
وأشار دغلس إلى أن الحصار أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المدينة، حيث انخفضت نسبة الإيرادات للعديد من القطاعات وتراجع بعضها إلى أكثر من 50%، وازدادت معدلات الفقر والبطالة.
وتشير الدراسات إلى أنه في عام 2020، سجل الاقتصاد الفلسطيني انكماشا تاريخيا بنسبة 11.5%، وهو الأعمق منذ اجتياح الاحتلال للضفة الغربية عام 2002، ليتعافى بعدها في العام الذي يليه 2021، ويسجل نموا بنحو 7%، ثم أعاد الانخفاض مع بداية الحرب على غزة مرة أخرى، ويزداد انخفاضا وتدهورا مع تشديد الإجراءات عند الحواجز مع بداية العام الحالي.
وكان وزير الاقتصاد الوطني محمد العامور، قد وصف عام 2024 بالأسوأ على الاقتصاد الفلسطيني، بعد انكماشه بنسبة 28%، نتيجة تباطؤ الحركة الاقتصادية، وخفض قيمة الأعمال في الشركات الخاصة، علاوة على انخفاض الصادرات والواردات الفلسطينية بنسبة 13%.
وفا