متجر شيخ مشايخ العطارين في محافظة جرش ليس متجرا للعطارة فقط، وإنما مخزن للذكريات كما يصفه زبائنه داخل المحافظة، فهو شاهد على تاريخ المدينة منذ ما يزيد عن 130 عاما، في جرش، ويروي تاريخ المدينة الذي يعود زمن تأسيسها لعهد الإسكندر الكبير في القرن الرابع قبل الميلاد.
ويعود بناء المتجر الذي زارته "المملكة" لعام 1889، حيث كان متجرا لبيع الحبوب، ومن ثم لبيع الأقمشة؛ ليتحول في ستينيات القرن الماضي إلى متجر لبيع العطارة وما زال إلى يومنا هذا.
متجر عطارة شيخ مشايخ العطارين ما زال محافظا على شكله المعماري الذي تأسس عليه أول مرة بحجارته الرومانية وبسقفه الخشبي، وأرضيته الإسمنتية ورفوفه الخشبية.
وبحسب ما رصدته "المملكة"، يزور المتجر كبار السن بشكل دائم؛ حيث أصبح ملتقى لهم ليتبادلوا حديث الذكريات، وكيف كانت الحياة في وقت سابق مستذكرين اعتمادهم على الأعشاب للتداوي قبل وجود الدواء وانتشاره الواسع.
يتحدث الشاب العشريني علي عبدالله أبو الكشك الذي توارث مهنة العطارة عن والده وجده بأن المتجر ليس فقط لبيع العطارة، وإنما ملتقى لكبار السن ولزوار المدينة من مختلف الجنسيات ليطلعوا على الحضارة المعمارية في القرن الماضي.
أبو الكشك قال، إن المتجر مازال محافظا على شكلة المعماري، ولم يتم تغيير شكله إلى يومنا هذا، مشيرا إلى أن المتجر يحتوي على أكثر من ألفي نوع من الأعشاب أغلبها يتم إحضارها من داخل المحافظة.
محمد العتوم، سبعيني من زبائن المتجر، قال لـ "المملكة"، إن المتجر يعتبر كنزا من الذكريات، حيث كان يرافق والده عند ذهابه إلى السوق لشراء الأعشاب الطبية وما تحتاجه الأغنام والخيل من حانوت شيخ مشايخ العطارين.
وأضاف العتوم لـ "المملكة"، أن تردده إلى المتجر أصبح عادة لديه كلما اتجه إلى السوق، موضحا أنه يلتقي العديد من أبناء جيله داخل المتجر ليتبادلوا حديث الذكريات.
أبو الكشك، بين أن المتجر يحتوي على حافظات زجاجية (مرتبانات) يزيد عمرها عن 40 عاما تم دفع مبالغ مالية مرتفعة من زوار لشرائها، ولم يتم بيعها وما زالت موجودة داخل المتجر.
ورغم أن أبو الكشك، شاب عشريني لكنه مازال متمسكا بمهنة الآباء والأجداد؛ فهي التي كانت مصدر دخل لجده، ومن ثم والده مؤكدا بأنه لن يتخلى عن هذه المهنة.
عبدالمنعم منديل، قال لـ "المملكة"، إنه دائم التردد على حانوت عطارة شيخ مشايخ العطارين كونه يحتل مكانة كبيرة في ذاكرته، حيث يتذكر من خلاله جرش قديما وكيف كانت طبيعة الحياة داخلها.
متجر العطارين يحتوي على سجل تم توثيقه من الجد والوالد للأشخاص الذين راجعوه، وكانوا يشكون من أمراض مثل ألم المعدة أو الأمراض المزمنة أو العقم وتم إنجاز خلطات علاجية لهم من الأعشاب ساعدت على علاجهم، مشيرا إلى أن السجل موثق، وفيه أسماؤهم وعناوينهم.
وبين أن المتجر بقيمته المعنوية لم يعد ملكا له؛ بل لأبناء المحافظة وزوارها، فهو ملتقى لكبار السن الذين يأتون إلى المتجر لتبادل الحديث والذكريات عن جرش وطبيعتها في ذلك الوقت.
وأشار أبو الكشك إلى أن العديد من داخل المحافظة ومن خارجها يجدون حاجتهم داخل المتجر.
المملكة