الرئيس الإيراني: سيضطر المواطنون إلى إخلاء طهران إذا لم تهطل أمطار بحلول ديسمبر
نقص المياه أثار احتجاجات عنيفة في جنوب إيران عام 2021
السكان يشكون من "معاناة تلو الأخرى"
تعاني إيران من أسوأ أزمة مياه منذ عقود، مما دفع المسؤولون إلى التحذير من أن طهران قد تصبح غير صالحة للسكن قريبا إذا استمر الجفاف الذي يجتاح البلاد.
وقال الرئيس مسعود بزشكيان، إن الحكومة ستضطر إلى ترشيد المياه في طهران، التي يقطنها أكثر من عشرة ملايين نسمة، إذا لم تهطل أمطار بحلول ديسمبر/ كانون الأول.
وكان قد قال في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني "حتى لو رشدنا (الاستهلاك) ولم تهطل أمطار، فلن يكون لدينا مياه على الإطلاق. وسيضطر (المواطنون) إلى إخلاء طهران".
* تقليل ضغط المياه
انخفاض معدل هطول الأمطار ليس هو السبب الوحيد في أزمة المياه التي تشهدها إيران بعد صيف شديد الحرارة.
وقال عشرات من النقاد وخبراء المياه، لوسائل إعلام حكومية هيمنت فيها الأزمة على حلقات نقاشية في الأيام الماضية، إن سوء الإدارة على مدى عقود، عن طريق الإفراط في بناء السدود والحفر غير القانوني للآبار والممارسات الزراعية غير الفعالة، أدى إلى استنزاف الاحتياطيات.
وأرجعت الحكومة سبب الأزمة إلى عوامل مختلفة، مثل "سياسات الحكومات السابقة وتغير المناخ والاستهلاك المفرط".
ورغم عدم وجود أي مؤشر على احتجاجات حتى الآن بسبب أزمة المياه، يعاني الإيرانيون بالفعل تحت وطأة التعثر الاقتصادي الناجم عن العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي المتنازع عليه.
ويؤدي النقص المستمر في المياه إلى تكثيف الضغط على الأسر والمجتمعات المحلية، مما يزيد احتمالات حدوث اضطرابات، في الوقت الذي تواجه فيه المؤسسة الدينية بالفعل ضغوطا دولية؛ بسبب طموحاتها النووية. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية.
وتتفاقم أزمة المياه في جميع أنحاء إيران، من الشقق في المباني الشاهقة بالعاصمة إلى المدن والبلدات الصغيرة.
ولم تتلق المواطنة مهناز أي تحذير، ولم يكن لديها أيضا فرصة للتخزين عندما انقطعت المياه عن الصنابير في شقتها بشرق طهران الأسبوع الماضي.
وقالت "كان ذلك في حوالي الساعة العاشرة مساء، ولم تعد المياه حتى السادسة صباحا".
ولعدم وجود مضخة أو خزان للمياه، اضطرت مهناز هي وطفلاها إلى انتظار عودة مياه الصنابير واستخدام زجاجات المياه المعبأة لتنظيف أسنانهم وغسل أيديهم.
وأفادت وسائل إعلام رسمية بأن الشركة الوطنية للمياه والصرف الصحي نفت التقارير التي تحدثت عن ترشيد رسمي في طهران، لكنها أكدت أنها تخفض ليلا ضغط المياه في العاصمة بما قد يصل إلى الصفر في بعض المناطق.
وحذر بزشكيان أيضا في يوليو/ تموز من الإفراط في الاستهلاك. وقالت سلطات المياه في ذلك الوقت إن 70 بالمئة من سكان طهران يستهلكون أكثر من الكمية المعتادة والبالغة 130 لترا في اليوم.
* خزانات طهران بنصف طاقتها تقريبا
عانى الإيرانيون في السنوات الماضية من انقطاعات متكررة للكهرباء ونقص في الغاز والمياه خلال شهور ذروة الطلب.
وقالت شهلا (41 عاما)، وهي معلمة وأم لثلاثة أطفال، عبر الهاتف من وسط طهران "معاناة تلو الأخرى، يوم بلا مياه والتالي بدون كهرباء. ليس لدينا حتى ما يكفي من المال للعيش. هذا بسبب سوء الإدارة".
ونقلت وسائل إعلام رسمية الأسبوع الماضي عن محمد رضا كافيان بور رئيس معهد أبحاث المياه في إيران قوله، إن هطول الأمطار العام الماضي كان أقل بنسبة 40 بالمئة من الكمية التي تسقط سنويا في المتوسط على البلاد منذ 57 عاما، وإن التوقعات تشير إلى استمرار ظروف الجفاف حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول.
وتعتمد العاصمة بالكامل على خمسة خزانات تتغذى من الأنهار خارج المدينة لكن تدفق الأنهار شهد تراجعا. وقال بهزاد بارسا المدير العام لشركة مياه طهران الأسبوع الماضي إن مستويات المياه انخفضت بنسبة 43 بالمئة عن العام الماضي، مما جعل سد أمير كبير لا يخزن سوى 14 مليون متر مكعب، أي ثمانية بالمئة من طاقته الاستيعابية.
وأضاف بارسا أن الخزانات في طهران والتي تصل طاقتها الاستيعابية مجتمعة إلى ما يقرب من 500 مليون متر مكعب صارت تحتوي بالكاد على 250 مليون متر مكعب، وهو انخفاض يقارب النصف، وأنها قد تجف في غضون أسبوعين بمعدلات الاستهلاك الحالية.
وتمتد الأزمة إلى ما هو أبعد من طهران إذ جفت بالفعل المياه وراء 19 سدا رئيسيا على مستوى البلاد، أي ما يقرب من 10 بالمئة من إجمالي عدد السدود في إيران. وانخفض احتياطي المياه إلى ما دون ثلاثة بالمئة في مشهد، ثاني أكبر مدن البلاد والتي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة.
وقال رضا (53 عاما)، وهو من سكان مشهد: "الضغط منخفض جدا لدرجة أننا حرفيا لا نجد المياه خلال النهار. وقمت بتركيب خزانات مياه لكن إلى متى يمكننا الاستمرار على هذا النحو؟ هذا كله بسبب سوء الإدارة". وأضاف أن ذلك يؤثر أيضا على عمله في تنظيف السجاد.
ومثل آخرين غيره تحدثت إليهم رويترز، رفض رضا الإفصاح عن اسم عائلته.
* تغير المناخ يفاقم أزمة المياه
تأتي الأزمة في أعقاب تسجيل درجات حرارة مرتفعة على نحو قياسي وتكرار انقطاع الكهرباء. وخلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، أعلنت الحكومة عن عطلات رسمية طارئة لتقليل استهلاك المياه والطاقة وأغلقت بعض المباني العامة والبنوك مع تجاوز درجات الحرارة 50 درجة مئوية في بعض المناطق.
وتقول السلطات إن تغير المناخ زاد من حدة المشكلة؛ لأن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى تسريع التبخر ونقص المياه الجوفية.
وانتقدت بعض الصحف سياسات الحكومة البيئية مشيرة إلى تعيين مديرين غير مؤهلين وتسييس إدارة الموارد، وهو ما تنفيه الحكومة.
وعادت للظهور مجددا الدعوات لصلاة الاستسقاء.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن مهدي شمران رئيس مجلس مدينة طهران قوله "في الماضي، كان الناس يخرجون إلى الصحراء لأداء صلاة الاستسقاء. ربما لا ينبغي لنا أن نهمل هذا الأمر".
وتتخذ السلطات تدابير مؤقتة للحفاظ على ما تبقى، ومنها خفض ضغط المياه في بعض المناطق ونقل المياه إلى طهران من خزانات أخرى.
لكنها حثت الجمهور على تركيب صهاريج تخزين ومضخات وأجهزة أخرى لتجنب حدوث اضطراب كبير.
وانتقد أستاذ جامعي من مدينة أصفهان، طلب عدم ذكر اسمه، أداء مسؤولي الحكومة قائلا إنهم يعملون "قليلا جدا" ويتخذون إجراءات "متأخرة للغاية. هم يعطون الوعود فقط لكننا لا نرى أي عمل... معظم هذه الأفكار غير قابلة للتنفيذ".
رويترز
