ناقش مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، الوضع المتدهور في غزة، حيث استمع الأعضاء إلى شرح عن الظروف في القطاع من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر.

وقال فليتشر "إن إسرائيل تفرض، عمدًا وبدون حياء، ظروفًا لاإنسانية على المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولأكثر من 10 أسابيع، لم يدخل غزة أي شيء - لا طعام ولا دواء ولا ماء ولا خيام".

وأشار "لقد تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين مرة أخرى وحصرهم في مساحات متقلصة باستمرار، حيث إن 70% من أراضي غزة إما تقع داخل مناطق عسكرية إسرائيلية أو تحت أوامر التهجير".

ولفت إلى أنه يواجه كل فلسطيني من أصل 2.1 مليون فلسطيني في غزة خطر المجاعة، وأن واحدا من كل 5 يواجه خطر الموت جوعًا.

وأفاد فليتشر، بشأن زيارته الأخيرة إلى القطاع، "أن الموت على هذا النطاق له صوت ورائحة لا تفارقك" فيما "يصرخ الأطفال بينما ننزع القماش المحترق عن جلودهم".

وقال، إن الأمم المتحدة وشركاءنا حريصون على استئناف المساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء غزة بما يتماشى مع المبادئ الأساسية للإنسانية والنزاهة والاستقلال والحياد.

وأضاف أن إسرائيل تمنع وصول المساعدات إلى غزة، وتضع هدفها المتمثل في إخلاء غزة من السكان قبل حياة المدنيين، متسائلا: كيف تتفاعل عندما يتباهى الوزراء الإسرائيليون به؟ أو عندما تستمر الهجمات على العاملين في المجال الإنساني وانتهاكات امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها، إلى جانب القيود المفروضة على المنظمات الدولية وغير الحكومية.

وقال، إن "هذا المجلس اعتمد قراراتٍ تُطالب جميع أطراف النزاع بالامتثال للقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني، مؤكدا أن على إسرائيل التزاماتٍ واضحةً بموجب القانون الإنساني الدولي: عليها معاملة المدنيين بإنسانية، مع احترام كرامتهم الإنسانية الأصيلة. وعليها الامتناع عن نقل أو ترحيل أو تهجير السكان المدنيين من الأراضي المحتلة قسرًا، وبصفتها القوة المحتلة، عليها الموافقة على مساعدتها وتسهيل ذلك".

وطلب المسؤول الأممي "لكل من لا يزال يتظاهر بالشك، فإن طريقة التوزيع التي صممتها إسرائيل ليست الحل، فهي عمليًا تُقصي الكثيرين، بمن فيهم ذوو الإعاقة والنساء والأطفال وكبار السن والجرحى"، مضيفا أنها "تُجبر على مزيد من النزوح، وتُعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وتُرسي سابقةً غير مقبولة في إيصال المساعدات، ليس فقط في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل في جميع أنحاء العالم".

وأضاف أن الخطة الإسرائيلية "تُقصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة، بينما تترك احتياجاتٍ ماسة أخرى دون تلبية، وتجعل المساعدات مشروطةً بأهداف سياسية أو عسكرية، وتجعل من المجاعة ورقةً للمساومة: إنها مجرد عرضٍ جانبيٍّ ساخر، وتشتيتٍ مُتعمد، وغطاءٌ لمزيدٍ من العنف والنزوح: إذا كان أيٌّ من هذا لا يزال مهمًا، فلا تشاركوا فيه".

وأوضح فليتشر "لقد حاولنا حيث اجتمعت الأمم المتحدة 12 مرة - ومرة ​​أخرى اليوم - مع السلطات الإسرائيلية لمناقشة الآلية المقترحة، وأردنا إيجاد طريقة لتحقيق ذلك، وشرحنا مرارًا وتكرارًا الشروط الدنيا لمشاركتنا بناءً على مبادئ أساسية راسخة: تقديم المساعدة بناءً على تقييمات مستقلة لمن يحتاجها - وهو الشرط الأساسي المُختبر عالميًا والمُطالب به من قِبل المانحين - والقدرة على إيصال المساعدة إلى جميع المحتاجين أينما كانوا".

وأشار إلى أن الأمين العام حدد القانون الدولي ذي الصلة في مذكراته المقدمة إلى محكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أن قرارات مجلس الأمن أدانت بشدة تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، والحرمان غير القانوني من وصول المساعدات الإنسانية"، حيث يطالب القرار 2417 المجلس بإيلاء اهتمام كامل لانعدام الأمن الغذائي واسع النطاق الناجم عن النزاعات.

وقال فليتشر: "لقد أطلعنا هذا المجلس على تفاصيل دقيقة عن الأضرار المدنية الواسعة النطاق التي نشهدها يوميًا: من موت، وإصابات، ودمار، وجوع، ومرض، وتعذيب، وغيرها من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بالإضافة إلى النزوح المتكرر واسع النطاق".

وأضاف: "وصفنا العرقلة المتعمدة لعمليات الإغاثة، والتدمير المنهجي لحياة الفلسطينيين ومصادر معيشتهم في غزة. إذن، لديكم هذه المعلومات".
وتابع: "تنظر محكمة العدل الدولية في ما إذا كانت هناك إبادة جماعية تُرتكب في غزة، وستُقيِّم الشهادة التي قدمناها، لكن حينها قد يكون الأوان قد فات".

وأضاف: "وإدراكًا منها لخطورة الوضع، أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة واضحة يجب تنفيذها، لكنها لم تُنفذ حتى الآن".

أكد فليشر، أمام مجلس الأمن، أن العنف المروع في الضفة الغربية بلغ أسوأ مستوياته منذ عقود.

وقال، إن إسرائيل في حربها في الضفة الغربية تقوم "باستخدام الأسلحة الثقيلة، وأساليب الحرب العسكرية، والقوة المفرطة، والتهجير القسري، والهدم، وتقييد الحركة ويتم استمرار التوسع الاستيطاني غير القانوني".

وأضاف لقد "دُمِّرت مجتمعات بأكملها، وأُخليت مخيمات اللاجئين والمستوطنات تتوسّع، ويستمر عنف المستوطنين بمستويات مُقلقة، أحيانًا بدعم من القوات الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه اختطف مستوطنون فتاةً تبلغ من العمر 13 عامًا وشقيقها البالغ من العمر 3 سنوات. عُثر عليهما مربوطين بشجرة".

كما أشار فليتشر إلى أنه وعلى مدار الـ 19 شهرًا الماضية، بثّ الصحفيون الفلسطينيون والمجتمع المدني والأفراد دمارهم مباشرةً للعالم، لافتا إلى أنه استُهدف الكثيرون وقُتلوا بسبب شهاداتهم". وتابع "وخلال هذه الفترة، كان عمال الإغاثة الدوليون هم الحضور المدني الدولي الوحيد في غزة، يشاهدون وينقلون الرعب المتكشف".

وقال للمجلس: "نحن عيونكم وآذانكم، ولا شك أننا نشعر بثقل هذه المسؤولية، تجاهكم، وتجاه المجتمعات التي نخدمها، وتجاه العالم".

وقال فليتشر، إن "هذا التدهور للقانون الدولي مُفسدٌ ومعدٍ، إنه يُقوّض عقودًا من التقدم في وضع قواعد لحماية المدنيين من اللاإنسانية، ويُعطي للعنف والخروج على القانون بيننا حرية التصرف دون عقاب".

وشدد على ضرورة "أن تسود الإنسانية والقانون والعقل، ويجب أن يسود هذا المجلس" وقال "طالبوا بإنهاء هذا.. أوقفوا تسليحه.. أصرّوا على المساءلة".

ووجه فليتشر كلامه إلى السلطات الإسرائيلية بالقول: "أوقفوا قتل وجرح المدنيين. ارفعوا هذا الحصار الوحشي، دعوا العاملين في المجال الإنساني يُنقذون الأرواح" مضيفا: "بالنسبة لأولئك الذين لن ينجوا مما نخشاه قادمًا - أمام أعيننا - فلن يكون هناك أي عزاء لهم في معرفة أن الأجيال القادمة سوف تحاسبنا في هذه القاعة".

وقال أيضا: "إذا لم نبذل كل ما في وسعنا بجدية، فينبغي لنا أن نخشى الحكم علينا".

المملكة