وقف الفلسطيني عمر جاسر حائرا يضرب كفيه بعدما رفض صاحب بسطة لبيع "فوط الأطفال" تخفيض سعر 3 قطع منها أراد أن يشتريها ولم يمتلك ثمنها كاملًا في ظل الارتفاع الجنوني في أسعارها.
ويقول جاسر: "كنا في السابق نشتري العلبة كاملة بسعر لا يتجاوز 20 شيكلا (5.58 دولار)، وكانت تحتوي على 45 قطعة، واليوم وبسبب الحرب أصبحنا نشتري بالقطعة، والواحدة منها يزيد سعرها على 8 شواكل (2.23 دولار) حسب نوعيتها وحجمها وأهواء صاحب البسطة".
وتمنى أن تعود الأسعار إلى سابق عهدها أو بأسعار تصل للسعر المضاعف مرة واحدة بدلًا من الارتفاع الذي زاد في كثير من السلع عن 10 أضعاف، متسائلًا "كيف لعاطل عن العمل مثلي أن يوفر احتياجات أهل بيته ما دام لا يستطيع توفير الفوط والحليب لطفلته".
أما الفلسطيني بهاء الشاويش، فقال "رغم أنني موظف ولي راتب شهري ثابت، إلا أنه بفعل انعدام السيولة وارتفاع نسبة العمولة من أجل الحصول على الراتب، إذ وصلت عمولة السحب لدى سماسرة الأموال وتجار العملة لـ30% وأكثر، لم أتمكن من شراء الفوط والحليب لطفلي خاصة بعد ارتفاع أسعارها لسعر لامس الـ270 شيقلا (75.33دولار)، وأسعار أخرى لأنواع متدنية الجودة وصل سعر العلبة لـ200 شيكل (55.8 دولار)"، مشيرًا إلى أنه في بعض الأحيان يقوم بالشراء عبر الدفع الإلكتروني إلا أنه مكلف أيضا، إذ يقوم بعض التجار والباعة بزيادة السعر بحجة قلة السيولة.
وذكر الشاويش أن "فوط الأطفال" والحليب أصبحا شحيحين في الأسواق، الأمر الذي أدى لتلاعب التجار والباعة في الأسعار والبيع حسب مزاجهم الخاص دون حسيب أو رقيب ودون رحمة ولا شفقة تجاه الفلسطيني الذي بالكاد يستطيع أن يوفر لأطفاله قوت يومهم مع الارتفاع القاتل في أسعار جميع المواد الأساسية والثانوية.
بينما الفلسطيني أحمد النجار، يسعى جاهدا للحصول على فوط لأطفاله وحليبهم عن طريق المؤسسات والجمعيات الخيرية التي توفر جزءًا يسيرًا بدلًا من شرائها بأسعار فلكية كما قال.
ولفت إلى أن الجمعيات والمؤسسات الخيرية توفر القليل من احتياجات الفلسطينيين في ظل الأعداد الكبيرة التي تحتاج الفوط التي وصل سعر العلبة الواحدة منها قرابة الـ90 شيكلا (25.11 دولار)، مشيرا إلى أنه يضطر في كثير الأحيان لاستخدام قطع قماشية بدلًا من الفوط المفقودة في السوق إلا أن قلة قطع القماش وعدم جفافها بعد الغسيل بسرعة بسبب الأحوال الجوية يبقيان عائقين آخرين أمام استخدامها بشكل يومي.
أما الفلسطيني إبراهيم عوض الله، فليس بأحسن حال من سابقيه فهو يعاني أيضا معاناة مزدوجة في توفير فوط كبار السن والمقاسات الكبيرة، إذ يقول إنه يحتاج يوميا من 5 - 6 قطع من فوط كبار السن التي يستخدمها لوالدته المريضة المقعدة ولنجله الكبير (15 عامًا) الذي يعاني من مرض التبول اللاإرادي ليلًا.
وأشار إلى أنه أصبح يشتري قطعة الفوط الواحدة بـ15 شيكلا (4.19 دولار)، وهذا بحد ذاته مصروف كبير ويحتاج لميزانية حسبما يقول، الأمر الذي أدى إلى تأثير توفير الفوط على باقي متطلبات العائلة، مبينًا أنه لا يمكن الاستغناء عنها ويجد صعوبة كبيرة في توفيرها لندرتها في الأسواق.
وتابع "أتمنى من التجار والموردين للفوط النظر بعين الرحمة للمواطنين والنازحين الذين يمرون بظروف قاسية بسبب الحصار والحرب وقلة الموارد".
أما أحمد أبو مصطفى صاحب بسطة لبيع الفوط والحليب فيقول "نحن الباعة لا ذنب لما يحدث من ارتفاع في الأسعار لأننا نشتري من الموردين بأسعار عالية ونبيع كما نشتري وفي حال انخفاض الأسعار من المصدر، فإن ذلك ينعكس على السوق وتنخفض الأسعار تلقائيًا".
أما التاجر محمد المدهون، فيرجع ارتفاع الأسعار في الأسواق لعدة أسباب منها إغلاق المعابر وشح المنتج في الأسواق، إضافة إلى تكلفة النقل من جانب الاحتلال الإسرائيلي وارتفاع المواصلات الداخلية؛ ولذلك كل هذه الأمور تنعكس على السلعة ويرتفع سعرها في الأسواق.
وذكر أنه لو امتنع التاجر عن استيراد مثل هذه الأصناف المهمة والضرورية للفلسطيني فإنها ستفد في السوق بشكل نهائي فيضطر التاجر استيرادها وتوزيع تكاليف النقل والعمال وأجرة تأمين البضاعة من قطاع طرق على الكمية المستوردة؛ وبالتالي ترتفع تكلفة وصولها للمستهلك.
يشار إلى أن قطاع غزة يعاني منذ أربعة عشر شهرًا من أزمات متتالية في توفير السلع الأساسية سواءً الغذائية والتموينية والدقيق وحليب وفوط الأطفال وكبار السن؛ الأمر الذي انعكس سلبًا على حياة الفلسطينيين الذين يعانون ويلات الحرب والتشرد والنزوح وفاقم من معاناتهم أضعافًا مضاعفة حيث يواجهون الحرب الإسرائيلية ضدهم وحرب الغلاء وارتفاع الأسعار من ناحية ثانية.
وفا