قُتل الجنرال الإيراني واسع النفوذ قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، وقيادي كبير في الحشد الشعبي العراقي الموالي لطهران، فجر الجمعة في هجوم صاروخي أميركي استهدف سيارتهما قرب مطار بغداد الدولي.
وأعلن البنتاغون، أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الأمر باغتيال سليماني. وقال "بأمر من الرئيس، اتخذ الجيش الأميركي إجراءات دفاعية حاسمة لحماية الموظفين الأميركيين في الخارج؛ وذلك عبر قتل قاسم سليماني".
وأضاف بيان البنتاغون أنّ "الجنرال سليماني كان يعمل بكدّ على وضع خطط لمهاجمة دبلوماسيين أميركيين، وجنود في العراق وفي جميع أنحاء المنطقة. الجنرال سليماني وفيلق القدس التابع له مسؤولان عن مقتل المئات من العسكريين الأميركيين وعسكريي التحالف، وجرح الآلاف غيرهم".
وأفادت وسائل إعلام عراقية، نقلاً عن مصادر رسمية عراقية، بأن اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، قد قتلا حين استهدافهما من قبل القوات الأميركية بالصواريخ، بعد خروجهما بسيارتين من مطار بغداد.
وكان مصدر أمني عراقي أعلن أن موكب سيارات يتبع للحشد تعرض أثناء مروره قرب مطار بغداد الدولي ليل الخميس الجمعة، لقصف صاروخي أسفر عن سقوط 9 قتلى، بينهم شخصيات مهمة.
وتفيد تقارير بأن قائد قوات "القدس" اللواء سليماني كان قادماً من بيروت.
وفي طهران، أكّد الحرس الثوري في بيان أنّ سليماني (62 عاماً) قتل "في غارة أميركية" نفّذتها طائرات مروحية.
ودعا المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، إلى حداد لمدة 3 أيام بعد مقتل سليماني، مضيفاً أن هناك "انتقاما عنيفا ينتظر المجرمين قتلة سليماني".
"مقتل سليماني سيضاعف الدافع للمقاومة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل"، وفق خامنئي.
وتابع: "غياب سليماني يشعرنا بالمرارة، لكن الكفاح سيتواصل لحين تحقيق النصر وجعل حياة المجرمين أشد مرارة".
ونقلت وكالة أنباء فارس، شبه الرسمية، عن متحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قوله، إن المجلس سيجتمع الجمعة لبحث الهجوم "الإجرامي" الذي أودى بحياة الجنرال قاسم سليماني.
وذكر المتحدث كيفان خوسرافي "يعقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني اجتماعا طارئا خلال الساعات القليلة المقبلة لبحث الهجوم الإجرامي الذي استهدف سيارة القيادي سليماني في بغداد وأدى إلى ... مقتله".
وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الجمعة، إن "اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني تصعيد خطير للغاية، ويتسم بالحماقة".
وأضاف في منشور على تويتر "الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن كل تبعات مغامرتها المارقة".
وكان الحشد الشعبي قال في تغريدة على حسابه في موقع تويتر إنّه "يؤكّد ... (مقتل) نائب رئيس هيئة الحشد الحاج أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني بغارة أميركية استهدفت عجلتهما على طريق مطار بغداد الدولي".
ويأتي مقتل سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، وهي عبارة عن تحالف فصائل مسلّحة موالية بغالبيتها لإيران، وتتبع رسمياً للحكومة العراقية، بعد 3 أيام على هجوم غير مسبوق شنّه مناصرون لإيران على السفارة الأميركية في العاصمة العراقية.
واستدعت إيران الجمعة مسؤولا في السفارة السويسرية التي تمثل مصالح الولايات المتحدة في طهران في غياب علاقات دبلوماسية بين البلدين، بعد مقتل سليماني.
صورة نشرها المكتب الإعلامي لقوات العمليات المشتركة التابعة للجيش العراقي، وتظهر سيارة مدمرة مشتعلة في أعقاب غارة أميركية في 3 يناير / كانون الثاني 2020 على طريق مطار بغداد الدولي، قتل فيها القائد الإيراني قاسم سليماني مع 8 آخرين.أ ف ب
ترامب يغرّد بعلم
واكتفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد انتشار نبأ مقتل سليماني، بنشر صورة للعلم الأميركي على حسابه في موقع تويتر، من دون أي تعليق.
رقص وغناء
وتجمّع عشرات العراقيين الذين يشاركون منذ أكثر من 3 أشهر في حركة الاحتجاج ضد السلطات العراقية، والنفوذ الإيراني في بلادهم، صباح الجمعة في ساحة التحرير في وسط بغداد، وهم يغنون ويرقصون بعد انتشار خبر مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني.
وقال أحدهم لوكالة فرانس برس: "يا قاسم سليماني، هذا نصر رباني"، و"حوبة دماء الشهداء". وقتل خلال حركة الاحتجاج 460 شخصا، وأصيب 25 ألفا آخرون بجروح.
محتجون عراقيون مناهضون للحكومة يحتفلون خارج خيامهم الاحتجاجية في ميدان التحرير ببغداد؛ إثر مقتل القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية على قافلته في مطار بغداد الدولي في 3 يناير / كانون الثاني 2020/ أ ف ب.
والمهندس هو رسمياً نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، لكنّه يعتبر على نطاق واسع قائد الحشد الفعلي، وقد أدرجت الولايات المتحدة اسمه على قائمتها السوداء.
أما سليماني، الجنرال الإيراني الذائع الصيت، فهو قائد فيلق القدس، الجهاز المسؤول عن العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، وهو أيضاً رجل إيران الأول في العراق.
وبالنسبة إلى فيليب سميث، الخبير الأميركي في الجماعات المسلحة الشيعية، فإن اغتيال سليماني هو "أكبر عملية تصفية على الإطلاق تنفّذها الولايات المتحدة، هي أكبر من تلك التي قتلت فيها أبو بكر البغدادي أو أسامة بن لادن"، زعيمي تنظيمي الدولة الإرهابي، المعروف بـ"داعش" والقاعدة.
وتعتبر الولايات المتحدة أنّ وحدات الحشد الشعبي ذات الغالبية الشيعية التي قاتل الكثير منها القوات الأميركية بعد غزو العراق عام 2003، تخدم مصالح إيران أكثر مما تخدم مصالح العراق، وتكرس نفوذ الجمهورية الإسلامية في البلد.
وتتّهم واشنطن تحديداً كتائب حزب الله العراقي التي يتزعمها المهندس وهي فصيل منضوٍ في الحشد الشعبي، بالوقوف خلف هجوم صاروخي استهدف قاعدة في كركوك شمالي العراق، وأدّى إلى مقتل متعاقد أميركي.
وليل الأحد، شنّت واشنطن غارات جوية على قواعد لكتائب حزب الله العراقي، أسفرت عن مصرع 25 من مقاتلي الفصيل الموالي لإيران.
وأثارت هذه الغارات استياءً في العراق بلغ ذروته الثلاثاء، بمهاجمة آلاف العراقيين المؤيدين لفصائل مسلحة موالية لإيران السفارة الأميركية في بغداد.
وانسحب المتظاهرون من محيط السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء الأربعاء، لكن هجومهم غير المسبوق الذي تخلّله رشق السفارة بالحجارة وكتابة عبارات على جدرانها، وإضرام النيران حولها، أثار مخاوف من أن يتحول العراق إلى ساحة لتسوية الخلافات بين إيران والولايات المتحدة.
"سنجعلهم يندمون"
وكان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أعلن الخميس أنه يتوقع أن تقوم الفصائل الموالية لإيران في العراق بشن هجمات جديدة على القوات الأميركية، متوعداً إياها بأن الولايات المتحدة "ستجعلهم يندمون" عليها.
وقال إسبر: "إننا نشهد استفزازات منذ أشهر. هل أعتقد أنهم يمكن أن يقدموا على فعل شيء؟ (الجواب) نعم. وسيندمون على ذلك على الأرجح... نحن جاهزون للدفاع عن أنفسنا، ومستعدون لصد أي تصرفات سيئة أخرى من هذه الجماعات التي ترعاها وتوجهها وتموّلها جميعا إيران".
وتابع أنه إذا علمت واشنطن بهجمات جديدة قيد التحضير "فسنتخذ إجراءات وقائية لحماية القوات الأميركية ولحماية أرواح أميركية".
وقال قائد الأركان الأميركي، الجنرال مارك ميلي، من جهته، إن هجوم كتائب حزب الله على قاعدة كركوك كان هدفه "قتل أميركيين" مضيفا أن "إطلاق 31 قذيفة ليس إطلاق نار تحذيريا، بل هدفه التسبب في أضرار والقتل".
وأشار إسبر إلى أن كل ذلك "غيَّر المعطيات (...) ونحن على استعداد لفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن موظفينا ومصالحنا وشركائنا في المنطقة".
"الانتقام"
وتوعّد محسن رضائي، رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران والقائد السابق للحرس الثوري، الولايات المتّحدة بـ"الانتقام" لمقتل قائد فيلق القدس الجنرال سليماني.
وقال رضائي في تغريدة على تويتر:"سننتقم له (سليماني) من أميركا شرّ انتقام".
الكونغرس
وأعرب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي عن أسفه؛ لأنّ الرئيس دونالد ترامب لم يُخطر الكونغرس مسبقاً بالغارة التي شنّتها القوات الأميركية في العراق فجر الجمعة.
وقال النائب الديمقراطي إليوت إنجل في بيان، إنّ "هذه الضربة تمت من دون إخطار الكونغرس، أو التشاور معه".
وأضاف النائب عن ولاية نيويورك، أنّ "تنفيذ عمل بمثل هذه الخطورة من دون إشراك الكونغرس ينطوي على مشكلات قانونية خطرة، ويشكّل إهانة لصلاحيات الكونغرس".
جنازة رسمية
قالت هيئة الحشد الشعبي العراقية في بيان الجمعة، إن جنازات رسمية ستقام السبت للقتلى الذين سقطوا في ضربة جوية أميركية على مطار بغداد.
أ ف ب + رويترز + إرنا + المملكة