شهد جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، اليوم الأحد، الفعالية الوطنية بمناسبة اليوبيل الفضي لتسلم جلالته سلطاته الدستورية، التي يتزامن إقامتها مع عيد الجلوس الملكي الـ 25.
ووجه جلالة الملك خلال الفعالية خطابا للأردنيين والأردنيات بهذه المناسبة الوطنية، فيما يلي نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني، أخواتي،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
خمسة وعشرون عاما منذ أن توليت أمانة خدمة هذا الوطن. الأردن الغالي بأرضه وأهله، وأنا أرى فيه رجالا ونساء وشبابا، بجباه مرفوعة وهامات عالية وقيم أصيلة.
أرى فيهم شجاعة الجندي الذي سارع نحو الحدود لنجدة أم وأطفالها ليصلوا بر الأمان، وإنسانية الطبيب الذي لم يتردد ولو للحظة عن مساندة أشقائه تحت القصف ووسط المعارك.
أرى إخلاص معلم أدى أنبل رسالة ليبني جيلا، وإصرار شاب بادر وأنجز ليبني الوطن.
وفي كل مكان في هذا الحمى الطيب، أرى تضحية آباء وأمهات لم يدخروا جهدا لرفعة أبنائهم وبناتهم. أرى ذاك الأردني الذي ثابر وتميز، الذي هب وقت الشدائد، وانتصر لأخيه المظلوم وآوى من جاء إلينا طلبا للأمان، وكان خير من دافع عن قضايا أمته، فاستشهد من أجلها، وهو الذي تعلم الرجولة والشهامة في صفوف قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وحمل شرف التضحية ونال منا جميعا الوفاء والتقدير.
أرى رجالا ونساء بنوا وصنعوا وابتكروا ورفعوا اسم الأردن عاليا، أينما كانوا.
هذا هو الأردني الذي أعرفه وأباهي به العالم، بفخر الواثق بشعبه شعب نال احترام الأمم لمواقفه ومبادئه وإنسانيته وأخلاقه النبيلة.
الأهل والعزوة،
أقف اليوم بينكم بعد مسيرة ربع قرن. خمسة وعشرون عاما لم تخلُ من التحديات، لكنها زخرت بإنجازاتكم في مرحلة عصفت الأحداث في العالم، وواجهنا خلالها وإياكم تبعات حروب وأزمات توالت، لم تشهد المنطقة مثلها.
فكانت هويتنا الوطنية الأردنية وستبقى مصدر ثبات وقوة تجمعنا في مواجهة الأخطار، وبها حمينا مسيرة الدولة والمجتمع. وخلف الراية توحدنا في وجه الخوارج وأصحاب الفتن، وتجاوزنا فوضى الإقليم فكانت حماية الأردن من نيرانها أولويتنا.
ولم نتردد يوما. بثقة بنينا وطورنا واجتهدنا؛ نجحنا وأخطأنا، وحرصنا دوما على التحديث وتصويب العثرات، حتى لا نحيد عن أهدافنا وطموحاتنا.
ولن نتردد. بعزيمتكم صمدنا أمام أصعب الاختبارات، وأثبتنا وإياكم أن هذا البلد قوي، عصي على كل المصاعب، وبقي الأردن صلبا منيعا، لا تغيره الظروف وكان أول الحاضرين دوما عند الواجب.
كل ذلك هو مصدر ثقتي بالأردن، وكلي إيمان أننا نستطيع برؤية واضحة أن نمضي بثقة نحو المستقبل الذي نستحق، دون تردد أو خوف أو تخاذل.
النجاح اليوم يعتمد على المواهب والكفاءات والقدرات البشرية، والأردن غني بطاقاته الشبابية، بإمكانياته وخبراته وعلاقاته الاقتصادية مع العالم، ولدينا آفاق واسعة لزيادة الاستثمار في شتى المجالات والقطاعات الواعدة.
أمامنا جميعا مسؤولية التحديث الشامل وإطلاق إمكانيات اقتصادنا خلال السنوات القادمة، لأردن تتعزز فيه الفرص وتتعاظم فيه الإنجازات، لأجيال الحاضر والمستقبل، وكلي ثقة أن الأردنيين على قدر المسؤولية في مواصلة التحديث والبناء، لمستقبل أعظم.
إخواني، أخواتي،
أقف اليوم بين شعب عظيم شامخ، تشرفت بأمانة خدمته، وكلي فخر بأن أكون أردنيا. فالأردن هو إنجاز في أقسى الظروف، ومثابرة في أصعب الأوقات، وثبات على الحق في أشد المواقف.
هذا هو الأردن الذي إليه ننتمي، الأردن الذي بنيناه معا.
واليوم أشكركم، فقد كنتم دوما إلى جانبي، أستمد من أسرتي الكبيرة على امتداد هذا الوطن العظيم الإرادة والتفاؤل، ومن أسرتي الصغيرة المحبة والقوة. وعهدي لكم أن يبقى الأردن حرا عزيزا كريما آمنا مطمئنا.
على العهد ماضون وإياكم، والله ولي التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولدى وصول جلالة الملك وجلالة الملكة رانيا العبدالله إلى موقع الفعالية محاطين بالموكب الأحمر، أطلقت المدفعية 21 طلقة تحية لجلالته، وعزفت الموسيقى السلام الملكي، فيما حلقت طائرات سلاح الجو الملكي.
وحضر الفعالية، التي شهدها نحو 9 آلاف مواطن ومواطنة، عدد من أصحاب السمو الأمراء، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، ودبلوماسيون من دول شقيقة وصديقة.
وتضمنت الفعالية، التي ركزت على جوانب من الإنجازات التي حققها الوطن خلال ربع قرن، عرضا عسكريا للقوات المسلحة الأردنية-الجيش العربي والأجهزة الأمنية، أظهر التطورات التي شهدتها هذه المؤسسات الوطنية، وعكس الانضباطية العالية والاحترافية التي يتمتع بها منتسبوها.
وانتظم في العرض، الذي تقدمه حملة الأعلام، 3200 مشارك من مختلف الصنوف والقطاعات العسكرية والأمنية، إذ تقدمت المجموعات من أمام المنصة بنظام الخطوة السريعة.
وخلال الفعالية تم استعراض آليات القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي والأجهزة الأمنية، والتي اشتملت على دبابات ومدافع وأسلحة استراتيجية دخلت الخدمة حديثا، وصناعات دفاعية أردنية مصنعة في المركز الأردني للتصميم والتطوير(JODDB) ، وتحليق لطائرات سلاح الجو الملكي، وقفز مظلي حر.
وقدمت موسيقات القوات المسلحة مقطوعات عسكرية ووطنية.
وخلال الفعالية، حيا جلالة الملك والحضور مجموعات من حرس الحدود، وقوى محاربة الإرهاب، ومجموعة الإنزالات الجوية وكوادر المستشفيات الميدانية في غزة، اعتزازا وتقديرا لجهودهم التي عكست صورة الأردن ودورهم الكبير في حماية أمن الوطن والمواطنين.
كما تضمنت الفعالية عروضا ثقافية وفلكلورية لجميع المحافظات من أداء أكثر من 1000 شاب وشابة، اشتمل على مرور 12 عربة مصممة خصيصا لتمثل كل محافظة.
وأدى مجموعة من الشباب والشابات نشيد اليوبيل الفضي "عاهدنا الله وعاهدناك"، الذي يشكل امتدادا لنشيد "معه وبه إنا ماضون"، فيما اختتمت الفعالية بأغنية وطنية أخرى "من هون".
المملكة