توفي الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، صباح الخميس عن 92 عاما، ليرحل بوفاته أول رئيس منتخب ديمقراطيا بالاقتراع العام، ما يفتح المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة في هذا البلد الذي يعتبر مهد الربيع العربي.

وأعلنت الرئاسة التونسية على صفحتها على فيسبوك "وافت المنية صباح الخميس 25 جويلية 2019 على الساعة العاشرة و 25 دقيقة المغفور له بإذن الله رئيس الجمهورية محمد الباجي قايد السبسي بالمستشفى العسكري بتونس".

وبعد ساعات قليلة من وفاة قايد السبسي، أدى محمد الناصر (85 عاما) رئيس مجلس نواب الشعب اليمين ليتولى الرئاسة المؤقتة للجمهورية، كما ينص الدستور.

وقطع التلفزيون التونسي الحكومي برامجه وبدأ بث آيات من القرآن مع الاعلان عن وفاة قايد السبسي، الذي كان انتخب في نهاية 2014 رئيسا للبلاد، بعد ثلاث سنوات من الثورة التي أطاحت الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي في 2011.

وتوفي قايد السبسي الخميس، قبل أشهر قليلة من انتهاء ولايته في كانون الأول/ديسمبر 2019، في حين من المقرر تنظيم انتخابات تشريعية في 6 تشرين الأول/اكتوبر ورئاسية في 15 أيلول/ سبتمبر بعد أن كانت مقررة في 17 تشرين الثاني/نوفمبر.

وأكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون أن موعد الانتخابات الرئاسية سيتم تقديمه "بغرض احترام احكام الدستور" الذي ينص على الا تتجاوز الفترة الانتقالية المؤقتة 90 يوما، أي قبل نهاية تشرين الاول/اكتوبر.

وتوالت العديد من برقيات التعازي والإشادة بخصال الرئيس التونسي الراحل.

الديوان الملكي الهاشمي في الأردن، بأمر من جلالة الملك عبدالله الثاني، أعلن الحداد على فقيد الأمة الكبير، الرئيس الباجي قايد السبسي، في البلاط الملكي الهاشمي لمدة 7 أيام اعتبارا من الخميس.

كما وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعزية إلى الشعب التونسي بوفاة رئيسه الباجي قايد السبسي الذي رحل الخميس عن 92 عاماً، منوّهاً بـ"قيادته العظيمة"، في حين حيّا وزير الخارجية مايك بومبيو "صديقاً حميماً" للولايات المتحدة.

وقال البيت الأبيض في بيان إنّ "الرئيس دونالد ترامب والسيدة الأولى ميلانيا ترامب ينضمّان إلى الشعب التونسي في الحداد على وفاة رئيسهم".

وأضاف البيان أنّ الرئيس الراحل "كان يدافع عن مصالح الشعب التونسي بلا كلل"، مشيراً إلى أن ترامب وزوجته "ينضمّان إلى كثيرين في جميع أنحاء العالم في تذكّر قيادته العظيمة وتكريم إرثه الكبير بصفته أول رئيس منتخب ديموقراطياً لتونس بعد ثورة 2011".

وختم البيت الأبيض بيانه بالقول إنّ "صلوات الرئيس والسيدة الأولى مع أسرة الرئيس قايد السبسي في هذا الوقت العصيب".

وأشاد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بقايد السبسي باعتباره "صديقا" لفرنسا و"قائدا شجاعا". وأشادت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بقائد كان "فاعلا شجاعا على درب الديموقراطية" و"يستحق تكريما مشرفا". من جهته عبر رئيس الحكومة الايطالية جوزيبي كونتي في تغريدة عن الحزن الكبير اثر وفاة "رجل دولة تحلى بانسانية كبيرة".

وقال الرئيس الجزائري الانتقالي عبد القادر بن صالح في برقية تعزية "الجزائر (..) تشاطركم شعبا وحكومة آلامكم وأحزانكم" مشيدا بخصال الرئيس التونسي الراحل. كما اشاد العاهل المغربي ب "أحد رجالات تونس الكبار".

وكتب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الامارات في تغريدة ان قايد السبسي "قاد تونس في أحرج أوقاتها بحكمة وروية واقتدار، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه، وألهم شعبه وأهله الصبر والسلوان، وحفظ الله تونس وشعبها وأرضها دائماً وأبداً".

وتقدم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ب "خالص العزاء والمواساة للشعب التونسي الشقيق في وفاة المغفور له، بإذن الله، الرئيس الباجي قايد السبسي".

كما نعى الامين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط "فقيد الشعب التونسي والأمة العربية جمعاء فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية والرئيس الحالي للقمة العربية".

حداد وطني

وستقام جنازة وطنية لقايد السبسي السبت.

وأعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد الحداد سبعة أيام.

كما نعى رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي قايد السبسي الذي رحل "في ذكرى عيد الجمهورية التي قدم لها الكثير وكانت له مساهمات مقدرة في بناء الجمهورية الثانية".

وقايد السبسي المخضرم في السياسة تولى مناصب في الدولة في عهد الحبيب بورقيبة (1956-1087) وزين العابدين بن علي (1987-2011)، وذلك قبل توليه رئاسة الحكومة في 2011 ثم الرئاسة في 2014.

وتعتبر تونس البلد الوحيد ضمن دول الربيع العربي الذي استمر على درب الديموقراطية رغم العثرات السياسية والاقتصادية والاعتداءات الجهادية.

وتزامنت وفاته مع احياء تونس الذكرى 62 لإعلان الجمهورية في 1957، وتم الغاء الاحتفالات والتظاهرات بالمناسبة.

وفي بداية تموز/يوليو، أطلقت مجموعة من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من السياسيين في تونس حملة للمطالبة بالشفافية في التعاطي مع حالة الرئيس الصحية.

وثار جدل كبير في مجلس النواب وخارجه اثر الاعلان عن اعتلال صحة الرئيس أول مرة نهاية حزيران/يونيو، حول الفترة الانتقالية. وقايد السبسي هو أول رئيس تونسي يتوفى وهو متسلم مهامه.

أداء اليمين

لكن المحلل مايكل عياري، قال "ان القلق هذه المرة أقل" مشيرا الى أهمية احترام الجدول المقرر في الدستور.

وأكد محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب الذي كان تعرض نهاية حزيران/يونيو لوعكة صحية اثارت قلقا حول قدرته على  الحلول محل قايد السبسي في حال شغور المنصب، عبر التلفزيون الخميس أن "الدولة ستستمر".

وأدى الناصر المقرب من الرئيس الراحل، عصر الخميس اليمين لتولي الرئاسة المؤقتة التي تستمر حسب الدستور فترة ادناها 45 يوما واقصاها 90 يوما.

وبعد ثمانية أعوام على الثورة، تبقى تونس تعاني هشاشة اقتصادية وأمنية.

ورغم انتعاشة طفيفة للنمو بعد سنوات من التدهور الاقتصادي، تجد البلاد صعوبة في تلبية التطلعات الاجتماعية وخفض نسبة البطالة البالغة نحو 15 بالمئة.

كما شهدت البلاد اعتداءات جهادية خصوصا في 2015. ورغم تحسن الوضع اثر ذلك لا تزال تسجل اعتداءات متفرقة. 

وتبقى تونس مهددة خصوصا من حال الفوضى في ليبيا الواقعة على حدودها الشرقية مع وصول مئات المهاجرين الفارين منها في الاشهر الاخيرة.

المملكة + أ ف ب